إقليم طاطا: كفى من الحكرة، كفى من السرقة العلنية لحقنا في التنمية


بقلم: م حفيظ اليمني
رغم شعارات “العدالة المجالية” و”المغرب المتعدد”، لا يزال إقليم طاطا يعيش تهميشاً ممنهجاً، يضعه في ذيل خريطة التنمية داخل جهة سوس ماسة. إقليم غني بثقافته، بتراثه، بثرواته الواحية والبشرية، لكنه يتعرض لما يمكن تسميته صراحة بـ”التمييز التنموي”، في ظل صمت رسمي وتخاذل سياسي لا يمكن السكوت عنه.
رغم انتماء طاطا ترابياً لجهة سوس ماسة، إلا أن تمثيلها في المشاريع المهيكلة والمخططات الجهوية يبقى شحيحاً إلى حدّ العدم. تُمنح المناطق الأخرى حصصاً ضخمة من ميزانية الجهة، بينما لا تصل إلى طاطا سوى مشاريع صغيرة، غالباً ما تكون ذات طابع موسمي أو ترقيعي، دون رؤية استراتيجية واضحة.

لكن الأخطر من ذلك، أن الصوت السياسي داخل الإقليم ضعيف أو شبه غائب.
المنتخبون البرلمانيون، وأعضاء المجلس الجهوي، والفعاليات الحزبية والسياسية لم يُحسنوا – أو لم يريدوا – الترافع الجاد لصالح منطقتهم.
تحوّل بعضهم إلى شهود صامتين، يُدافعون عن مصالح حزبية أو شخصية، بينما الإقليم يغرق في العزلة والتخلف الطاطوي
في ظل هذا الغياب السياسي، أصبحت السلطة المحلية تلعب أدواراً ليست من اختصاصها، بل من المفروض أن يقوم بها المنتخبون: التنسيق مع القطاعات الوزارية، التفاوض على المشاريع، تمثيل الإقليم في اللقاءات والبرامج الجهوية.
ورغم جهود بعض رجال السلطة مشكورين احص بالذكر عامل الاقليم ، فإن هذه الوضعية تُعبر عن خلل بنيوي كبير: كيف لسلطة تنفيذية أن تحل محل ممثلين شرعيين اختارتهم الساكنة؟
هذا ليس فقط مؤشراً على أزمة تمثيلية، بل على فشل واضح في تحمل المسؤولية السياسية.
إقليم طاطا يُعامل كمنطقة “خارج التصنيف”.
لا يحظى بالرعاية التي توجه للأقاليم الصحراوية، ولا بالمشاريع الكبرى التي تستفيد منها أكادير أو إنزكان، ولا يدخل ضمن مناطق التأهيل الخاصة بالجنوب الشرقي.
وكأن طاطا مجرد مساحة معزولة، لا صوت لها، لا وزن لها.

لكن الساكنة تعرف من هي:
طاطاويون أحرار، أبناء أرض مقاومة وتاريخ، يرفضون الاستمرار في لعب دور الصامتين.
من سيُحاسَب؟
إذا كان جزء من المسؤولية يقع على عاتق الدولة ومجالس الجهة، فإن السكوت السياسي المحلي يُشكل خيانة صريحة لتطلعات الساكنة.
التمثيلية البرلمانية، والمجالس المحلية، والفعاليات المدنية مطالبة بمراجعة أدائها، وبالانتقال من التبرير والتسويف إلى الضغط والترافع والمحاسبة يقول جلالة الملك في احدى خطبه بمناسبة عيد العرش:” إن المسؤولين المنتخبين، المحليين والجهويين، مطالبون بالاقتراب من المواطن، والإنصات إلى مشاكله، والعمل على الاستجابة لحاجياته الملحة… فمن لا يرى في تولي المسؤولية وسيلة لخدمة الصالح العام، وليس هدفاً في حد ذاته، فلا مكان له بين المنتخبين” انتهى كلام جلالة الملك.
ما نطالب به
• كشف دقيق للميزانيات المرصودة لطاطا خلال العشر سنوات الأخيرة.
• إدماج الإقليم ضمن المشاريع الكبرى الجهوية والمخططات الوطنية.
• تفعيل حقيقي لدور ممثلي الإقليم في البرلمان والمجلس الجهوي.
• دعم المجتمع المدني الجاد في الترافع وتحريك الرأي العام محلياً ووطنياً.
الختام: لا صوت فوق صوت طاطا
كفى من الحكرة.
كفى من الصمت السياسي.
كفى من تحويل طاطا إلى مجرد رقم إداري لا يُحسب له حساب.
آن لطاطا أن تستعيد موقعها، بصوت أبنائها، بضغط ساكنتها، وبمواجهة واضحة مع كل أشكال التمييز والتهميش.
فباني المغرب الحديث لا يريد ان يُبنى الوطن بالخرائط فقط، بل بالعدل والإنصاف.